الحياة البرية وحمايتها

ما الذي ينقص بلاداً مثل المملكة العربية السعودية المستقرة أمنياً والتي تتحمل موازنتها الصرف على مؤسسات حكومية كبيرة
 مثل هيئة الحماية الفطرية لكي تصبح مبادئ وقيم حماية البيئة والحفاظ على البيئة قيماً أصيلة في مناهجها ووعيها وقبل كل هذا في قانونها وتنظيماتها الادارية؟ فلسنا والحمد لله بالبلد الجائع الذي تصبح حماية البيئة فيه ترفاً وتبجحاً، ولسنا بالبلد الذي تقصم ظهره وتضعفه الحروب والانقلابات والنزاعات المسلحة، ولسنا من بلدان الثقافات الدموية والبدائية التي تؤمن بأن الغلبة لمن قتل وسفك وحكم بقوة السلاح، ولأننا لسنا كل هذا فانه يحق لنا أن نرتاع ونفزع حين نشاهد ذلك التصوير الدموي المسجل، والذي نشرته جريدة الوطن ووفرت مشاهدته على موقعها الالكتروني والذي يظهر فيه شابان لا تتجاوز اعمارهما العشرين عاماً، ثيابهما ملطخة بدماء عشرين غزالاً قتيلاً مصفوفة امامهما، يعدانها على انغام طقطقة موسيقية رديئة الصنع مثل فعلتهما، تجعل صدورهما تنتفخ بالغرور الجاهل وبالفخر بمطاردة وقتل غزلان تمت تربيتها في محمية، خارقين بهذا مواثيق الأمن والأمان لهذا الحيوان النادر، وقد أكدت الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وقوع الحادثة في محمية عروق بني معارض في الجنوب الغربي من الربع الخالي من دون أن يحدد المصدر زمناً معيناً للحادثة.
وأشار إلى أن الهيئة فقدت عدداً مقارباً من المذكور في المقطع.
هذه الجرائم المصورة التي تتقاذفها قنوات الإعلام وتسهم في ادانة مصورة لمجرمين ورطوا انفسهم بتوثيق افعالهم بالصور امعاناً في السطوة والفجور.
تجعلنا نتساءل، هذان اللذان دخلا المحمية وعاثا فيها فساداً وتمتعا بوقت فاره طويل مكنهما من قتل عشرين غزالاً وزاد في طغيانهما أن صورا المشهد الأخير على انغام طقطقة موسيقية تشير إلى أنهما «ماخذين» راحتهما وشعورهما بالامان لا يقلقه شيء، كيف تمتعا بكل هذا الوقت الفاره للصيد وأين فرق الحماية الامنية عنهما، والذين نعرف أنهم يتزودون بكل وسائل المراقبة من طائرات وسيارات سريعة ومتطورة؟ وحين يُنشر شريط مصور مثل هذا؟ ألا تعتبر هذه فضيحة بحق مسؤولي حماية البيئة أم أنهم كعادة بعض المسؤولين لن يهتموا بالرد على تساؤلاتنا وسيعتبرونه أمراً شخصياً، ولا يخص كل مواطن فينا راعه استباحة المحميات والتعدي على امنها وترك العابثين من دون عقاب؟ وهل ستؤول محمية عروق بني معارض وغيرها من المحميات إلى ما آلت إليه محمية الحرة شمال السعودية؟ فمحمية الحرة التي تبلغ مساحتها مئات ان لم تكن آلاف الكيلومترات كانت تحتوي قبل عشر سنوات على ثلاثة آلاف ظبي، وبحسب مصادر مقربة فانها اليوم لا يتجاوز عدد الظباء فيها سوى العشرات.
وطوال تلك السنوات شهدت محمية الحرة اختراقات أمنية لحدودها بل ويزيد من جبروت المتسللين أن يتبادلوا اطلاق الرصاص مع رجال الأمن، وكأنها غارة قبلية لا اختراق وتعدٍ على قانون دولة، لهذا جاء التعدي على محمية بني معارض مسجلاً باسم (تحدي محمية).